على ضفاف نهر النيل

جمع محمود مختار، والذي يعدّه كثيرون "أبا النحت المصري الحديث"، بين الفن المصري الفرعوني القديم وفن القرن العشرين، ليعبّر عن روح مصر حديثة الاستقلال آنذاك. سعى الفنان في مسيرته إلى خلق لغة فنية توفق بين طبيعة المجتمع المصري المعاصر وهويته الثقافية والتاريخية.

طوال مسيرته الفنية، استوحى مختار إلهامه من مشاهد الحياة اليومية في ريف مصر، وكثيراً ما برزت في أعماله صورة المرأة الفلاّحة. "على ضفاف النيل" هو تمثال بالحجم الطبيعي لفلاحة ترتدي طرحة، وتحمل على رأسها بلّاص (جرة تستخدم لحمل الماء).
بقيت الفلاّحة من المفردات الأساسية في أعمال الفنان، حيث رأى فيها رمزاً يمثّل مصر ودلتا النيل بوصفها جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الأمة وتقاليدها. يقدّم التمثال مثالاً على أسلوب مختار في نحت الخطوط المصقولة والجريئة وذات الزوايا، مستحضراً فيه صورة الكاهنات اللاتي كن يسرن على ضفاف النيل قديماً.

يحمل تمثال "على ضفاف النيل" رسالة جلية وقوية تعكس مناخ البلاد السياسي المتوتر في ثلاثينيات القرن العشرين، وقتما كانت مصر تحت السيطرة العسكرية البريطانية. في ذلك الوقت، كانت تطلعات الشعب المصري للاستقلال الوطني في تصاعد، مما ألهم مختار في جعل شخصية الفلاحة المصرية رمزاً وطنياً.