الضياع

إسماعيل شموط، رسام فلسطيني حداثوي رائد، سخّر رموز التراث والثقافة الفلسطينية لبناء سردية بصرية للوطن، ودأب على فضح فظائع الاحتلال المستمرة في فلسطين منذ نكبة عام 1948. وكما يتجلى في هذا العمل، استكشف الفنان موضوعات الحنين، والكفاح الوطني، والتمسك بالأرض المفقودة، وهي موضوعات دائمة الحضور في وجدانه.

وعبر تلاعب بارع بالضوء والظل، يرسم شموط مشهداً في العراء، يشي بأنه مخيم للاجئين في قلب الصحراء. هناك، يكافح النازحون في خيامهم من أجل البقاء، متشبثين بفتات ما يجدونه من طعام ومؤن. وفي قلب اللوحة، تحتضن امرأة طفلها وهي ترتدي ثوباً تقليدياً بألوان زاهية وتطريز فلسطيني، وتلفه بغطاء رأسها الأبيض الطويل كرمز للحماية. بين براثن الخوف وبريق الأمل، ينبعث توتر عاطفي عميق من هذين الشكلين. بينما يغفو الطفل بسلام على صدر أمه، تحدّق الأم بعينين ذاهلتين، يعتصرها القلق على مستقبل جيل فلسطيني آخر يُجبر على عيش التغريبة.